لماذا تذكّرني صورنا العتيقة بالبكاء؟
لماذا تذكّرني بطاقات السفر بالذبحة القلبية؟
لماذا يذكّرني المطر في المطارات بيدَيّ جدتي
المخضبتين بالدعوات والياسمين والحنّاء؟
لماذا تذكّرني كلمة وداعاً بصوت سقوط المقصلة؟
لماذا تذكّرني عيناك بالياسمين وصوتك بالميجانا والعتابا؟
لماذا يذكّرني قلقك بامتحانات البكالوريا؟
لماذا تذكّرني قهقهتك بصهيل أحصنة برية؟
لماذا تذكّرني المطاعم الفاخرة في الغربة ببرادات الجثث؟
لماذا تذكّرني ناطحات السحاب بمصحات المجانين؟
لماذا يذكّرني التلفزيون بالكلاب المرفهة وحبوب منع الحمل؟
لماذا يذكّرني حبك ببكاء الأطفال اللقطاء على أبواب الأديرة؟
***
حين أموت لا توسِّخوا الأشجار بالبكاء.
دعوني أمضي بهدوء قلم همس أسراره حتى نقطة الحبر الأخيرة فيه.
حين أموت، اكتبوا على قبري: هنا ترقد غلطة مطبعية
لم تسقط سهواً بل سقطت صحواً
وكانت أكثر صدقاً من بقية السطور !
حين أموت انقشوا على قبري رسم بومة.
بعد أن يمضي المشيعون ويهبط الظلام، ستغادر البومة رخامها وتحلّق
من جديد في فضاءات الليل الدمشقي بعينين واسعتين مزروعتين
بالدهشة أبداً
وستهمس البومة: سأظل أحبك يا دمشق ..
غادة السمان
0 التعليقات:
إرسال تعليق