لا عرش لي غير فضائي..
لا صوت غير صمت رياحي...
ياسمين الوطن، وغابات التشرّد
قرع الطبول، وثرثرة الببغاوات
واشتعال القلب على بشرة الشواطئ المتوردة...
وبطاقة بريدية،
أسطِّر عليها عبارة "أحبك" بكل صدق
ولا أعرف إلى من أرسلها!!...
***
أعيش حبَّاً على غير هدى..
حبَّاً ماكر الأفراح، متأرجحاً داخل مراياه
كالمدن المشيدة فوق الماء..
فهل تجرؤ على أن تمد يدك،
وتفتح ظل الباب المتماوج فوق صفحة المياه
وتقبلَه مني ذلك الحب الضال كوردة سوداء،
في ليل المخاطر الشهية لامرأة زئبقية الأمزجة
تعشق الحب وتكره الحبيب؟...أو تكاد!..
حين يكون إخلاصي لك، خيانة لذاتي
أشهر صدقي في مملكة التقاليد.. وأعلن أظافري..
ومن أعماق وحدتي أنادي الحب، وأطرد الحبيب..
لأغني على عود بلا وتر
أعذب الأغنيات التي طالما انتحبها ناي القلب
بصمت وحشته وبتأجج جوعه إلى المجهول.. والدهشة
بعيداً عن القصب الفصيح لغابات الرياء..
***
تلك الطفلة،
وجدتْ نفسها فجأة متنكّرة داخل جسدي..
متنكّرة داخل عمري واسمي وشهرتي..
ساقطة في شرك أدواري
تجلدها أمزجتي الزئبقية وحكايا حبي الغامضة...
لكنها لا تزال كل ليلة،
تهرب مني حين أنام،
وتفتح باب الكهف
لتهرول وحيدة في كوكب الحلم
دون أن تضلّ الطريق إلى القمر...
***
لأنني سبحت إلى أبعد ما يمكنني في البحر
لأنني نبذت أطواق النجاة
ومراكب خطوط الرجعة..
لأنني كنت صادقة
في حكاية حبي مع أسرار الأعماق وجموح الأمواج
وقارات الدهشة المحفوظة في كتاب القاع
وجدت نفسي حين تعبت وغرقت
وحيدة مع الشماتة والإعياء والدوار وأسماك القرش..
وحين نجوت وعدت،
استقبلوني كالفاتحين!...
هكذا تقضي قواعد اللعبة في مملكة السردين!..
***
أتأمل دمي،
وهو يغادر ذلك الجرح الصغير
في إصبعي، ويسيل بهدوء، ربما إلى ما لا نهاية..
وأكتشف فجأة،
أن كوني كله،
ليس أكثر من منطاد هشّ
سيدمّر تحليقَه ثقبٌ صغير..
غادة السمان
7-1-1989
0 التعليقات:
إرسال تعليق